تلخيص كتاب علم الأصوات، كمال بشر، الجزء التاسع.
الفصل الثالث : الصوت اللغوي :
الصوت اللغوي أثر سمعي یصدر طواعیة عن الأعضاء المسماة
أعضاء النطق، ویظھر على صورة ذبذبات وموجات ھوائیة لما یصاحبھا من حركات أعضاء
النطق. وعلى أساس ھذا التعریف یمكن أن نقول أن للصوت عدة جوانب:
الجانب
الفیزیلوجي أو الجانب النطقي و الجانب
الأكوستیكي أو الفیزیائي ویتصل الجانب الأول بأعضاء النطق وأوضاعھا وحركاتھا.
والجانب الثاني یمثل الآثار التي تنتشر في الھواء في صورة ذبذبات صوتیة تصل إلى
أذن السامع. وھناك جانب ثالث: ھو الجانب السمعي، وله جھتان:
جھة فیزیولوجیة خاصة بأعضاء السمع وجھة
عقلیة أو نفسیة خاصة بالعملیة التي تتبع إدراك السامع للأصوات. في ھذه
الدراسة نحن معنیون بالجانب الأول: وھو الفیزیولوجي النطقي، لأنه الأساس في كل
دراسة صوتیة لغویة، بالإضافة إلى دقة البحث فیه من حیث المعاییر والخصائص المعتمدة
علیھا في تعیین أصوات اللغة، مع الإشارة إلى الجانبین الآخرین عندما تستدعي
الضرورة إلى ذلك، وھذه الدراسة الفیزیولوجیة النطقیة للأصوات لن تأخذ على عاتقھا
الدخول في تفاصیل كل الآثار النطقیة الصادرة عن جھاز النطق، نظرا لكثرتھا وتشعبھا،
ولكنھا دراسة فونیتیكیة محضة تعنى بالجانب المادي للأصوات وحده، وتجریدھا للوصول
إلى وحدات وأنماط ھذه الوحدات ودورھا في البناء اللغوي وبیان معانیه ودلالته. و للعلماء العرب في القدیم إشارات وأفكار تدل بوضوح على إدراكھم
لجوانب الأصوات النطقیة والأكوستیكیة والسمعیة جمیعا، وإن تركزت كل أعمالھم على
الجانب النطقي الفیزیولوجي، نظرا لسھولة تناوله بواسطة الملاحظة الذاتیة. ومیلھم
إلى الجانب النطقي للأصوات أمر معروف ولا یحتاج إلى تدلیل، غیر أن اھتمامھم
بالجوانب الأخرى یحتاج إلى نظر وتأمل عمیقین وفھم واع لبعض مقولاتھم المتناثرة ھنا
وھناك في بطون مصنفاتھم. فبالنسبة للجانب الأكوستیكي الفیزیائي نجد عددا غیر قلیل من اللغویین العرب تناولوه وقدموا أفكارا تدل على وضوح
معرفتھم لطبیعته وموقعه في رحلة الصوت بدءا من مصدره حتى نھایته، یظھر ھذا في
أعمال الذین اشتغلوا في المجال الموسیقى كالفارابي والكندي.
فالھواء بالنسبة للفارابي ھو الوسط الذي تنتقل فیھ الأصوات من مصدرھا
إلى أذن السامع، وھذه الفكرة ھي من صمیم النظر الأكوستیكي إلى الأصوات. وھناك
أعمال أخرى قام بھا مثلا الكندي وإخوان الصفا، وھي تمشي مع نفس السیاق وتؤكد نفس
الفكرة المراد تأكیدھا ھنا، وھي أن للعرب درایة بالجانب النطقي الفیزیولوجي. و لابن جني إشارات في ھذا الجانب، غیر أنھا لا تظھر كثیرا ظھور أفكاره
في الجانب النطقي الفیزیولوجي. و كذلك
نلحظ التجائھم إلى الاھتمام والإلمام بالجانب السمعي وإدراكھم لموقعه في المسیرة
الصوتیة، لكن في إشارات متناثرة ھنا وھناك. كما ھو الحال عند الخلیل وابن جني اللذان
استعملا اصطلاحات لھا علاقة قویة بھذا الجانب السمعي : كالتفشي والصفیر والجھر
والھمس.. وھناك مصطلحات أخرى تكشف بوضوح عن الخلفیة السمعیة المكونة لبنیة الصوت كالمصوتات: وھي مصطلح مشھور عند اللغویین، وأطلقه ابن جني على حروف
المد أو الحركات الطویلة . الصوامت : قصدوا بھا الأصوات
الساكنة، ولھا علاقة بالأصوات ذات الدلالة السمعیة، ذلك بأن الصامت یعني الإشارة
إلى الأثر السمعي الذي یحدثه الصوت، وإن بطریقة سالبة تتمثل في فقدان أو قلة
الوضوح السمعي مقارنة بنظیره المصوت. الشدید والرخو
: الشدة متعلقة بالأصوات ذات الصفات الانفجاریة عند النطق بھا، كالباء والتاء، ولا
تدرك حقیقة الانفجار إلا بالسماع، وھو یشیر ( السماع ) إلى الجوانب الثلاثة لعملیة
التصویت. والرخاوة بترجمة حدیثة تعني الاحتكاك، أي مرور الھواء من منفذ یضیق نسبیا
بحیث یحدث حفیفا مسموعا. كذلك
اھتم علماء البلاغة القدامى بالجانب السمعي للأصوات، وإن من وجھة نظر تتسق وتتماشى
مع مجال عملھم وصنعتھم، لأن الفصاحة عندھم مرتبطة بقبول الأذن واستساغتھا للأصوات
المشكلة لبنیة الألفاظ، فھي تكون مستحبة إذا تكونت من حروف معینة، ومستكرھة إذا
تكونت من حروف أخرى . وجل
الألفاظ والمصطلحات والأقوال الصادرة عن علماء العربیة في سیاق الكلام عن الجانب
السمعي للأصوات، تنبئ دون شك عن إدراكھم للجانب الأكوستیكي وإن كان بطریقة ضمنیة،
حرم من التصریح المباشر، فجزالة الألفاظ وفخامتھا ھي من صمیم االبحث الأكوستیكي
للأصوات، وھذا بالطبع یدل على أن علماء العربیة كان لھم درایة بالجوانب الثلاثة
للدرس الصوتي وإن بدرجات متفاوتة من حیث الاھتمام. واھتمامھم بالجانب الأكوستیكي
لم یتناولوه بشكل دقیق ومنظم، وإنما اكتفوا بإشارات عابرة لافتقارھم إلى الأدوات
والأجھزة الكاشفة عن طبیعته، وھذا أمر طبیعي لأن ھذا الجانب لم یكشف الستر عنه في
مسیرة البحث الصوتي إلا في الفترات الحدیثة .
جھاز النطق:
جھاز
النطق عند الإنسان ھو الإنسان نفسه، بكل تفاصیله وأعضاءه وأجھزته العضویة والنفسیة
والبیولوجیة، لأن كل من ھذه الأجھزة لھا دور في إصدار الكلام وإن بدرجات متفاوتة
من حیث المساھمة. واللغویون یدرسون أعضاء النطق عند الإنسان فھم یكتفون بدراسة
التركیب حتى الرأس ومرورا بالحلق واللسان. والمؤلف ھنا سیلم إلماما مناسبا بھذه
الأعضاء من حیث وظائفھا النطقیة والدور الذي تقوم به، وقبل ذلك یجب أن نعلم تسمیة
ھذه الأعضاء بأعضاء النطق ھي تسمیة مجازیة، لأن دورھا لا یقتصر على النطق فقط،
وإصدار الأصوات ما ھو إلا وظیفة واحدة من الوظائف الكثیرة التي تقوم بھا. ویضم
جھاز النطق أعضاء كثیرة، وھي منظمة تنظیما دقیقا، بحیث كل صوت ینطق تقوم أعضاء
معینة بالتحرك والعمل لإنتاجه وبدرجة معینة وطریقة محددة من حیث الحركة والوظیفة.
ولسیت كل أعضاء النطق متحركة، فبعضھا أو أغلبھا ثابت، وقلیل منھا متحرك، وجھاز
النطق بصفة عامة عند الإنسان واحد من حیث بنیته الأساسیة ولا یختلف بین فرد وآخر . وھنا
تعریف موجز لأعضاء النطق :
الحنجرة : تقع أسفل الفراغ الحلقي، وتكون الجزء الأعلى من القصبة الھوائیة، وھي
شبیھة بحجرة لھا إتساع معین، ومكونة من عدة أعضاء وغضاریف، ویقع فوقھا عضو شبیھا
باللسان یسمى لسان المزمار أو الغلصمة وظیفتھ حمایة الحنجرة وطریق التنفس أثناء
بلع الطعام، ولا دخل لها في إصدار الأصوات
الأوتار الصوتیة: الأوتار
الصوتیة ھي أشبه بشفتین یمتدان أفقیا بالحنجرة من الحلق إلى الأمام، وینتھیان عند
البروز المسمى تفاحة آدم، والفراغ الذي بینھما یسمى بالمزمار ، ولھما قدرة على
الحركة واتخاذ أوضاع مختلفة تؤثر في الأصوات.
الحلق: وھو
الجزء الواقع بین الحنجرة والفم، ویسمى ھذا الجزء بالفراغ الحلقي أو التجویف
الحلقي، وھو الفراغ الواضح بین أقصى اللسان والجدار الحلقي للحلق.
اللســـان : ھو من
أھم أعضاء النطق، ولأھمیته سمیت اللغات به، وھو عضو قابل للحركة إلى حد بعید ویستطیع أن یتخذ
أوضاعا وأشكالا متعددة، ویقسمه علماء الأصوات إلى عدة أقسام، یھمنا منھا ھنا بوجه
خاص : أقصى اللسان أو مؤخرھك وھو الجزء المقابل للحنك اللین . وسطه
أومقدمه : وھو الجزء الذي یقابل الحنك اللین أو ما یسمى بوسط الحنك . طرف
اللسان : وھو الجزء الذي
یقابل اللثة.
الحنــــك: ویشار إلیه : الحنك الأعلى أو سقف الحنك + سقف الفم، وھذا العضو یتصل
به اللسان في أوضاع مختلفة ومع كل وضع من تلك الأوضاع یخرج صوت معینم وممیز.
اللھــــاة: ھي نھایة
الحنك اللین، ولھا دخل في نطق القاف العربیة الفصیحة.
التجویف الأنفي: ھو تجویف
یندفع عبره الھواء عندما ینخفض الحنك اللین فیفتح الطریق أمام الھواء الخارج من
الرئتین بطریق الأنف.
الشفتان: ھي من أعضاء النطق المھمة، وھي من الأعضاء المتحركة، وتتخذ أوضاعا
مختلفة، ویؤثر تحركھا في الأصوات وصفاتھا.
الأسنان: ھي من
أعضاء النطق الثابتة، تقسم إلى قسمین: أسنان علیا وأسنان سفلى. ولھا وظائف مھمة في
عدد من الأصوات، ویُعتمد علیھا من قبل اللسان والشفتان.
بصفة عامة ھذه ھي الأعضاء النطق التي لھا
دور إنتاج مختلف الأصوات التي تصدر عن الإنسان، ویجب الإلمام بھا جیدا وبوظائفھا،
لأنه عن طریق ھذا الإلمام یمكن استیعاب میكانیكیة جھاز النطق، وثم ھناك عضو آخر ھو
الرئتین، وھو من أھم الأعضاء، بھما یتم التنفس ومن ثم عملیة النطق . وقدم
العرب دراسات في ھذا الجانب، باعتبار أن ھذا المنحى من الدراسة الصوتیة مرتبط
بخدمة القرءان الكريم أداءا وفھما، وھذا
یدل على فكرة أساسیة خالجت ذھنه، وھي أن دراسة اللغة بصفة عامة (صرف، نحو،
بلاغة..) یتطلب دراسة للأصوات من عدة نواح.
الفصل الرابع : بین الفونیتیك والفونولوجیا :
ھناك اشتباك بین الفونیتیك والفونولوجیا، لأن كلاھما یبحث في أصوات
اللغة. الأول یبحث في الأحداث الصوتیة المنطوقة بالفعل، إذ یحاول تحلیلھا بوجه عام
صالح للتطبیق على أیة لغة. أما الثاني فیتلقى ما قام به الأول، ویخضعه للتنظیم
والتصنیف، عبر استخلاص ضوابط وقاعد معینة تخص تلك الأحداث الصوتیة في لغة معینة،
ویمكن اختصار ما سبق في أن الفونیتیك یجمع المادة الخام، وعلم وظائف الأصوات أو
الفونولوجیا یطبخھا.
3 التعليقات
هذا تلخيص للباب الاول اين تلخيص باقي الابواب الخمسه ?!
ستجد تلخيص باقي الأبواب فبي نهاية الصفحة.
أين تلخيص باقي الابواب