وخاصة المشتركة بین كل الناطقین باللغة. و وقف أمام علماء الأصوات
سؤال ضخم: ھل ھذه التغیرات تدل على أن الصوت الواحد ھو صوت واحد؟ أم ھو أصوات
مختلفة على ھیئات وأشكال متعددة ؟ قرر علماء الأصوات أن الفروق بین صور الصوت
الواحد ھي فروق نطقیة محضة، جاءت نتیجة لوقوع ھذا الصوت في مواقع مختلفة، أما
التغیرات التي یخضع لھا الصوت وتؤثر في المعنى، حین ذلك نستطیع أن نجعله صوتا آخر
مستقل ومختلف على الصوت الأصلي. وھذه الفكرة كانت السبب في ظھور فكرة الفونیم أو
ما یسمى بالوحدة الصوتیة. والفونیم
ھو وحدة صوتیة قادرة على التفریق بین معاني الكلمات، والفونیمات في كل لغة تعرف
تعددا وتنوعا رغم أن عصورھا النطقیة أو الأحداث النطقیة الفعلیة كثیرة كثرة فائضة.
وكان من بین من أدركوا الفرق بین الأصوات بوصفھا وحدات وأنماط ، وبوصفھا أحداث
نطقیة واقعیة العالم السویسري دي سوسیر، الذي استطاع التمییز بین نوعین من
المقابلات: سیعمل في اللغة للتفریق بین المعاني والوظائف النحویة للكلمات، و لا
یقید ھذا الغرض الوظیفي والفیصل في التفریق بین الأصوات والحكم على اختلافھا إنما
ھو التفریق بین المعاني أو عدم استعمالھا لھذا الغرض، ومیز دي سوسیر بین جانبین أو
بین مستویین من مستویات الصوت:
أ ـ جانب مادي : یطابق
الحركات العضویة لجھاز النطق.
ب ـ جانب غیر مادي : وھو الانطباعات السمعیة لھذه الحركات ولم یقترح
دي سوسیر منھجا لدراسة ھذین الجانبین، وإنما درسھما باستعمال مناھج تقلیدیة معروفة
لم تكن تمیز بین مستویات الصوت المختلفة. ولم یخالف دي سوسیر علماء الأصوات في
استعمال المنھج التقلیدي في الدراسة الصوتیة، لكنه خالفھم فقط في الاسم، إذ اقترح
اسم جدید هو : الفونولوجیا بدل الفونیتیك. وكان اللغوي بودوان دي كورنیي ھو أول من
اقترح تنویع المناھج في الدرس الصوتي، إذ أعلن أن ھناك فروق جذریة بین اصوات
الكلام والصور الذھنیة للأصوات، ،انطلاقا من ھذا التفریق أصر على إیجاد نظامین من
البحث الصوتي لتناول الأصوات بطریقة علمیة:
أحدھما ذات أسس فیزیائیة وفیزیولوجیة وموضوع البحث فیها هو الأصوات
المادیة، وسماه دي كورنیي بعلم الأصوات العضوي، والثاني
یعتمد على قواعد علم النفس، و وظیفته دراسة الصور الذھنیة للأصوات وما له من وظائف
وقیم في اللغة. وسماه بعلم الأصوات النفسي، وكان من نتائج ھذا التفریق الواضح أن
استطاع دي كورنیي لأول مرة أن یضع ما یمكن أن یسمى بالفونیــــم. غیر أن ھذا
التفریق أغفل في كل أنحاء أوروبا ومرت نظریته ھذه دون أن یشعر بھا أحد إلى أن
الناس في التفریق بینھما بحكم تطور علم الأصوات وتفرعه، وھو اتجاه یتفرع بشكل عام
في صورتین:
التفریق بین Phone /
allophone / sound وبین Phonème أو ما یسمى بالصورة الذھنیة أو الوحدة الصوتیة.
ضرورة وجود فرعین لعلم الأصوات، یختص كل واحد منھما بدراسة أحد
الجانبین. ھذا وقد تعددت وجھات النظر فیما یختص بالعلاقة بین ھذین النوعین وحدود
كل واحد منھما ومدى استقلال الواحد منھما عن الآخر، وسوف یقتصر الباحث على ذكر خمس
مداس لغویة، لأنھا تمثل الأفكار الأساسیة التي قیلت في ھذا الخصوص
: 1 ـ مدرسة بــــراغ: لھذه المدرسة فضل كبیر
في البحث اللساني اللغوي الحدیث، بحیث امتازت عن غیرھا بكثیر من النظرات
والمقاربات في دراسة اللغة من بینھا: ـ فكرتھا حول الفرق
بین الفونیتیك والفونولوجیا : تأثر رواد
ھذه المدرسة بآراء دي سوسیر خاصة في المسألة السابقةإذ تأثروا برأیه في الفونیم
باعتباره الصورة المادیة الذھنیة، أو الجانب غیر المادي للصوت، باعتباره الجانب
الذي یتم به التفریق بین الكلمات/ تأثروا برأیه المشھور في التمییز بین ما سماه
parole = الكلام المنطوق بالفعل الصادر عن المتكلم في موقف معین، وبین ما سماه