موضوع
البحث : إثبات وقوف العرب على السكون
الحمد لله و الصلاة
و السلام على رسول الله، المبعوث للبشرية بالصدق في الأقوال و الأفعال، و على
صحابته الغر الكرام، و على من اهتدى بهديهم و اقتفى أثرهم إلى يوم الميعاد.
و بعد :
في
بحثنا الوجيز هذا سنحاول أن نثبت القول بأن العرب حين وقفها على الكلام، فإنها تقف
على السكون، و ذلك من وجهين : الأول من حيث الكتابة و الشكل، و الثاني من حيث
اللفظ و الكلام، و ذلك من باب المثال لا الحصر.
فنقول
و بالله نستعين :
يعرف الأشموني الوقف في شرحه لألفية ابن مالك فيقول : الوقف قطع النطق عند آخر الكلمة، والمراد هنا الاختياري، وهو غير الذي يكون استثباتاً، وإنكاراً، وتذكراً، وترنما. وغالبه يلزمه تغييرات، وترجع إلى سبعة أشياء: السكون، والروم، والإشمام، والإبدال، والزيادة، والحذف، والنقل، وهذه الأوجه مختلفة في الحسن والمحل، وستأتي مفصلة.[1] انتهى كلامه رحمه الله.
يعرف الأشموني الوقف في شرحه لألفية ابن مالك فيقول : الوقف قطع النطق عند آخر الكلمة، والمراد هنا الاختياري، وهو غير الذي يكون استثباتاً، وإنكاراً، وتذكراً، وترنما. وغالبه يلزمه تغييرات، وترجع إلى سبعة أشياء: السكون، والروم، والإشمام، والإبدال، والزيادة، والحذف، والنقل، وهذه الأوجه مختلفة في الحسن والمحل، وستأتي مفصلة.[1] انتهى كلامه رحمه الله.
إن
العرب تقف في الكتابة
على السكون كما أنها تقف على الحركات من ضمة و فتحة و كسرة.
فمثال
الوقف على الضمة من أقوال العرب ما قال أبوا تمام في الحياء :
إذا
لم تخش عاقبة الليالي *** و لم تستح فاصنع ما تشاءُ
و
مثال الوقف على الفتحة قولهم :
كثرة
العتاب تورث البغضاءَ.
و
مثال الوقف على الكسرة :
ما ورد في قول النبي صلى الله عليه وسلم في
الحديث الذي ترويه عنه السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: "السواك
مطهرة للفم مرضاة للربِ". أنظر صحيح البخاري.
و مثال الوقف على السكون قول الحق
تبارك و تعالى في سورة المدثر : بسم الله الرحمان الرحيم. "يَا أَيُّهَا
الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ
فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ (6)
وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7) ".
فهذه
جملة من أمثلة الوقف عند العرب في الكتابة و الشكل، و قد اشتملت كما رأينا على
العلامات الإعرابية الأربع.
أما
من حيث النطق و الكلام فإن وقوف العرب على الساكن في كلامهم أمر لا خلاف فيه، و
هذا ما سنتبينه في الأسطر القادمة بحول الله.
يقول ابن عقيل شارحا لنظم ابن مالك في
باب الوقف :
تنوينا
أُثر فتح اجعل ألفا ... وقفا وتلو غير فتح احذفا
أي إذا وقف على الاسم المنون فإن كان التنوين واقعا بعد فتحة أبدل ألفا، ويشمل ذلك ما فتحته للإعراب نحو: رأيت زيداً وما فتحته لغير الإعراب كقولك في إيهاً وويهاً إيهاَ وويهاَ.
وإن كان التنوين واقعا بعد ضمة أو كسرة حذف وسكن ما قبله، كقولك في جاء زيدٌ، ومررت بزيدٍ، جاء زيدْ، ومررت بزيدْ.[2]
أي إذا وقف على الاسم المنون فإن كان التنوين واقعا بعد فتحة أبدل ألفا، ويشمل ذلك ما فتحته للإعراب نحو: رأيت زيداً وما فتحته لغير الإعراب كقولك في إيهاً وويهاً إيهاَ وويهاَ.
وإن كان التنوين واقعا بعد ضمة أو كسرة حذف وسكن ما قبله، كقولك في جاء زيدٌ، ومررت بزيدٍ، جاء زيدْ، ومررت بزيدْ.[2]
قال الناظم :
واحذف لوقفٍ في سوى اضطرار ... صلة غيرِ الفتح في الإضمار
وأُشبِهَتْ
إذاً منونا نصب ... فألفاً في الوقف نونها قلب
إذا وُقِفَ على هاء الضمير فإن كانت مضمومة نحو رأيتهُ، أو مكسورة نحو مررت بهِ، حذفت صلتها و وُقف على الهاء ساكنة إلا في الضرورة، وإن كانت مفتوحة نحو هندٌ رأيتها، وُقف على الألف ولم تحذف، وشبهوا إذاً بالمنصوب المنون فأبدلوا نونها ألفا في الوقف.[3]
إذا وُقِفَ على هاء الضمير فإن كانت مضمومة نحو رأيتهُ، أو مكسورة نحو مررت بهِ، حذفت صلتها و وُقف على الهاء ساكنة إلا في الضرورة، وإن كانت مفتوحة نحو هندٌ رأيتها، وُقف على الألف ولم تحذف، وشبهوا إذاً بالمنصوب المنون فأبدلوا نونها ألفا في الوقف.[3]
قال
الناظم :
وغيرها التأنيث من محرك ... سكنه أو قِف رائِم التحرك
أو أشمم الضمة أوقِفْ مضعفا ... ما ليس همزا أو عليلا إن قفا
محركا وحركات أَنْقلا ... لساكن تحريكه لن يلحظا
إذا أريد الوقف على الاسم المحرك الآخر فلا يخلو آخره من أن يكون هاء التأنيث أو غيرَها.
فإن كان آخره هاء التأنيث وجب الوقف عليها بالسكون كقولك في : هذه فاطمةُ أقبلتْ، هذه فاطمهْ.[4]
محركا وحركات أَنْقلا ... لساكن تحريكه لن يلحظا
إذا أريد الوقف على الاسم المحرك الآخر فلا يخلو آخره من أن يكون هاء التأنيث أو غيرَها.
فإن كان آخره هاء التأنيث وجب الوقف عليها بالسكون كقولك في : هذه فاطمةُ أقبلتْ، هذه فاطمهْ.[4]
قال الناظم :
ونقل فتح من سوى المهموز لا ... يراه بصرى وكوفٍ نقلا
مذهب الكوفيين أنه يجوز الوقف بالنقل سواء كانت
الحركة فتحة أو ضمة أو كسرة وسواء كان الأخير مهموزا أو غير مهموز، فتقول عندهم
هذا الضرُبْ ورأيت الضرَبْ ومررت بالضرِبْ في الوقف على الضرب، وهذا الرِدُ ورأيت
الرِدَ ومررت بالرِدِ في الوقف على الرِدْ... و مذهب الكوفيين أولى
لأنهم نقلوا عن العرب.[5]
و قد أورد الأشموني بيتا من الشعر في هذا الباب و
هو :
أراد لم أضربْهُ، لكنه سكن الهاء و نقل ضمتها إلى
الباء.
و يسمى هذا النوع من الوقف بالوقف بالنقل، و يكون
بتسكين الحرف الأخير و نقل حركته إلى الحرف الذي قبله، و شرطه أن يكون ما قبل
الآخر ساكنا غير محرك، و أن يكون حرفا قابلا للحركة.
قال الناظم :
في الوقف تا تأنيث الاسم هاجُعِلْ ... إن لم يكن بساكن صحْ وُصِلْ
وقل ذا في جمع تصحيح وما ... ضاهى وغير ذينٍ بالعكس انتمى
إذا وقف على ما فيه تاء التأنيث فإن كان فعلا وقف عليه بالتاء نحو هند قامتْ، وإن كان اسما فإن كان مفردا فلا يخلو إما أن يكون ما قبلها ساكنا صحيحا أولا، فإن كان ما قبلها ساكنا صحيحا وقف عليه بالتاء، نحو بنتْ وأختْ وإن كان غير ذلك وقف عليه بالهاء نحو فاطمهْ، وحمزهْ، وفتاه،ْ وإن كان جمعا أو شبهه وقف عليه بالتاء نحو هنداتْ، وهيهاتْ، وقل الوقف على المفرد بالتاء نحو فاطمتْ، وعلى جمع التصحيح وشبهه بالهاء نحو هنداهْ، وهيهاهْ.
وقل ذا في جمع تصحيح وما ... ضاهى وغير ذينٍ بالعكس انتمى
إذا وقف على ما فيه تاء التأنيث فإن كان فعلا وقف عليه بالتاء نحو هند قامتْ، وإن كان اسما فإن كان مفردا فلا يخلو إما أن يكون ما قبلها ساكنا صحيحا أولا، فإن كان ما قبلها ساكنا صحيحا وقف عليه بالتاء، نحو بنتْ وأختْ وإن كان غير ذلك وقف عليه بالهاء نحو فاطمهْ، وحمزهْ، وفتاه،ْ وإن كان جمعا أو شبهه وقف عليه بالتاء نحو هنداتْ، وهيهاتْ، وقل الوقف على المفرد بالتاء نحو فاطمتْ، وعلى جمع التصحيح وشبهه بالهاء نحو هنداهْ، وهيهاهْ.
قال الناظم رحمه الله :
وقف بها السكت على الفعل المعل ... بحذف آخر كأعط من سأل
وليس حتما في سوى ما كعِ أو ... كيعِ مجزوما فراعِ مارعواْ
وليس حتما في سوى ما كعِ أو ... كيعِ مجزوما فراعِ مارعواْ
ويجوز الوقف بهاء السكت على كل فعل حذف آخره
للجزم أو الوقف كقولك في لم يعطِ لم يعطهْ، وفي أعطِ أعطه.ْ
ولا يلزم ذلك إلا إذا كان الفعل الذي حذف آخره قد بقي على حرف واحد أو على حرفين أحدهما زائد، فالأول كقولك في: عِ و قِ عِهْ وقِهْ، والثاني كقولك في لمْ يعِ، ولمْ يقِ، لمْ يعِهْ ولمْ يقِهْ.[7]
ولا يلزم ذلك إلا إذا كان الفعل الذي حذف آخره قد بقي على حرف واحد أو على حرفين أحدهما زائد، فالأول كقولك في: عِ و قِ عِهْ وقِهْ، والثاني كقولك في لمْ يعِ، ولمْ يقِ، لمْ يعِهْ ولمْ يقِهْ.[7]
فهذه إذن جملة من مواطن كان العرب عند وقوفهم عن
الكلام فيها يقفون على السكون، و قد استدللنا على صحتها بأقوال أرباب النحو و
الفصاحة، هذا و الله تعالى أعلى و أعلم.
الطالب الفقير إلى ربه تعالى : محمد فتيش.